الخميس، 12 أغسطس 2010

اجدادي الانبياء ... الجزء الاول





    كان جدي يمتاز بقدره هائلة على تسلق الأشجار والتنقل  اما بالقفز  أو عن طريق الحبال بينها  بكل خفة ورشاقة, لم يبني لنفسه يوماً بيتا يقطنه  بل كانت الاشجار موطنه والاغصان أرض منزله وأوراق الشجر سقف بيته, أكله المفضل الموز وجوز الهند, لم يدخر قوت يومه ليوم غد . يعيش وحيداً  حراً مستقلاً لم يكن له صديقاً أو خليل ولم يفكر يوماً بالارتباط أو بناء عائلة. كانت أموره تسير روتينية لا يعكر صفوة أيامه شيء وبقي كذلك لسنين طويلة
   ولما جاء ذلك اليوم, حين قدم إلى الغابة مجموعة من صيادي القردة, التي تعمل لصالح إحدى مراكز البحث العلمي للتطور, وبدأت بمطاردة القردة, وتبعثرت مجموعاتهم في جميع الاتجاهات, فزعة تحاول النجاة بنفسها فترك الصديق صديقه والزوج زوجته والأم طفلها ,وشباك الصيادين تطاردهم في كل مكان من الغابة, فوقع من وقع في شباكهم وفر من فر, بعدها تم جمع القردة ووضعهم في أقفاص وشحنهم بواسطة عربات الخيول والحمير(وسائل المواصلات المتوفرة آنذاك ) إلى مركز الأبحاث, وهناك تم حقنهم بمواد مخدرة, فذهب الجميع في سبات عميق.

  كان المركز يعمل كخلية النحل دون كلل أو ملل, العمل يبدأ في موعده والانجاز بدقة وسرعة متناهية. لم يزعجهم دخول تلك المجموعة في سباتها الذي سيستمر لسنوات طويلة لان الأمر كان متوقعا ومدروساُ بكل عناية وخصوصاً أنها تمر في مرحلة التطور. لكن ما لم يكن متوقعاً ولا مدروساً , أن جدي استفاق مبكراَ قبل غيره وبفترة قياسية, وسط استغراب العاملين في المركز. فاعتبر البعض أن هناك طفرة ما, حصلت إثناء التصنيع أدت إلى نمو مفاجأ وسريع, البعض عزها إلى خطأ طبي بإعطائه كميات إضافية من الهرمونات أدت إلى تطوره فبل الموعد, لكن مهما كان السبب المهم أن جدي أثار دهشة جميع العاملين في المركز, ولغاية الاطمئنان على صحته وسلامة نموه وخصوصاً انه المنتج الأول وضع لفترة في الخداج للمتابعة والمراقبة تحت إشراف مدير المركز مباشرة. و أجريت الاختبارات والأبحاث على سلوكه وانفعالاته وطرق تفكيره. ولتميز المنتج الجديد عن بقية المنتجات في السوق وحفاظاً حقوق المركز أُجري له عملية الختان.

بعد التأكد من سلامة نموه واكتماله احضروا له مرآة ليشاهد نفسه أول مرة بعد التطوير, وما أن نظر إلى نفسه حتى أصابته الدهشة وظن أن هناك شخص أخر غريب ينظر إليه, لكن مدير المركز بكل رفق افهمه انه هو. تمعن جدي مجدداً في المرأة وهو يتحسس وجهه وجسمه ويتساءل أين ذهب الشعر الذي على وجهه وصدره ويداه؟ لماذا أصبحت يداه اقصر وظهره غير منحني ؟ اسأله كثيرة طرحت, وكان لها جواب واحد من مدير المركز لقد تطورت وأصبحت بشراً. كان مدير المركز شديد الحرص على راحة جدي فوفر له جميع وسائل الراحة والاستجمام, , و كان يسمح له بالتدخل المباشر في إدارة المركز, وتسمية جميع الحيوانات والطيور والنباتات التي أنتجها المركز, حتى غدا هناك غيرة من بعض عمال المركز من هذا الاهتمام الزائد بالمنتج عديم الخبرة, لكنهم كتموا غيظهم في صدورهم منتظرين الفرصة المناسبة للانقضاض عليه.

لاحظ مدير المركز في المدة الأخيرة على جدي الحزن والقلق وعدم الارتياح وسهره لساعات طويلة والاستماع إلى الأغاني العاطفية والحزينة, فسأله عن سبب أرقة وانزعاجه وإذا كان هناك شخص ما قد أساء إليه, في البداية امتنع جدي عن الإجابة والتهرب إلى مواضيع أخرى فلم يرد إزعاجه بأمور شخصية, لكن جميع محاولاته بآت بالفشل تحت إصرار مدير المركز لمعرفة سبب حزنه, في النهاية استسلم جدي وقال: حقيقةً لا أريد أن أزعجك بأموري الشخصية وخصوصاً إنني اقدر حجم العمل لديك وانشغالك الدائم, ... صمت جدي قليلاً ثم تابع كلامه: اشعر إنني هنا كالغريب فلا احد يشبهني و أحيانا بالحرج كون الجميع يعرف أصلي... لو كان بجانبي شخص أخر شبهي ونفس أصلي لهان الأمر علي , لكن حسب علمي فما زال هناك وقت مبكراً لخروج المنتج الثاني. وضع مدير المركز يده على كتف جدي وننظر في عينيه وقال له : لا عليك ولا تحزن عندي دائماً الحل ماذا تريد ذكر أم أنثى. نظر جدي إلى مدير المركز والسعادة تغمر عينية : كيف ؟ ماذا؟ هل تستطيع؟ لا اصدق ما اسمع ... قاطعه مدير المركز وقال: صدق...صدق الحل عندي دائماً, ماذا تريد صديق أم صديقة





ليست هناك تعليقات: