الجمعة، 22 أكتوبر 2010

اجدادي الأنبياء... النبي والضباع

صدقوا فكذبنا فكنا أصدق الكاذبين*
*حموا فاغتصبنا فكنا أشرف الغاصبين*
*احيوا فقتلنا فكنا أرحم القاتلين*
بعض الجمل المأثورة تلخص المسيرة المظفرة التي قادها جدي بكل شرف وإخلاص.
اليوم سأروي لكم قصة أبو مشاكس الذي رفض الاعتراف بنبوة جدي وأخبار السماء وكان يقول: صاحبكم هذا يريد إخراج الناس من عبادة الأصنام لعبادة كلام يؤلفه ويزعم انه من عند الاله, فإذا كان صادقاً في دعوته فليأتي لنا بدليل مادي وأكون له من المصدقين. في حين أن جدي كان دائم الابتعاد عن مجالس المشككين والتهرب من الأسئلة ويقول: أن الاله يقسم بالقمر والشمس وكل جرم سماوي بعذاب عظيم للكافرين والمشككين إن لم ينتهوا. وكم كان يمنُي نفسه أن يصحو يوماً وقد رحل أبو مشاكس إلى غير رجعة وكم من مرة فكر جدياً التخلص منه, لكن الوضع الاجتماعي والمالي لأبي مشاكس كان يقف عائقا وخصوصاً أن هدف جدي الخروج من الوقائع- فوق المنتصر- فهو يريد أن يكسب وضع أبا مشاكس الاجتماعي والمالي ليحكٌم سيطرته على باقي أفراد المستعمرة.
وفي إحدى الأيام قام جدي مع صحبه بزيارة مفاجئة لأبي مشاكس في محاولة منهم لكسب تأييده لعل الاله يشرح له صدره. وبعد مداولات ونقاشات طويلة استمرت حتى ساعة متأخرة من الليل:
أبو مشاكس: أما أنا لست بحاجة إلى مال ولا جاه فلدي ما يكفيني من العز والمقام الرفيع وسط عشيرتي وقومي, ولدي مكتبة تُغنيني عن علمك وعلم إلهك, لكن إن استطعت إقناعي بآية فعل من عند ربك وليس قول سأكون أول الساجدين.
انتفض أبو مطاوع احد الصحابة وقال: ويحك يا رجل! أتُكذب الأمين الصادق! وقد جاءنا بالبينات ومُصدق من القادر المقتدر.
أبو مشاكس: أنا لم أكذبه فسيرة حياته ومسلكه لا يطمئن فحقي قبل أن أؤمن أن يطمئن قلبي, فإن كان صادقاً فليأتنا بدليل.
في هذه المرة تصدى له أبو مرضي وقال: اتقي الاله يا رجل الم تسمع كيف تلقي حجارة المستعمرة عليه السلام, وكيف شق القمر فلقتين وكيف آمنت الغزالة, وحدثه الحمار وطبقت ألقرده سُنتهُ حينما رجمت قرده زانية. ألا تقرأ الكتب؟ الم تسمع عن الاعجازات العلمية في كتابه؟ اقرأ يا أخي!.
أبو مشاكس: ما سمعت بهذه وما شاهدت تلك, أنا لا اطلب أن يشفي مريض ببول الإبل ولا أن ينزل علينا مائدة من السماء ولا أن يلقي عصاه فتصبح أفعى تسعى! ما أريده ابسط من هذا بكثير.
قال احد الصحابة الوقور الخجول الملقب ذو الشمعتين: ماذا تريد أن يفعل يا أبو مشاكس لقد اقترب الفجر والى ألان لم نسمع منك ماهو الدليل الذي تريد.
أبو مشاكس: كل ما أريده ولا اعتقد أن هذا الأمر صعباً عليه كون نبيكم مؤيد من السماء .. ما اطلبه شيء بسيط جداً لشخص يتمتع بعناية سماوية .. فقط أن يغرس هذا الوتد في بطن وكر الضباع وبعدها ليس لي كلام!!!
ارتجف جدي وارتبك واحمر وجهه وتمتم بكلمات غير مفهومة "يلعن الساعة التي أتت به للمنزل". كان الموقف محرجاً للغاية فماذا سيقول الصحابة لو هو رفض الذهاب؟؟ وإذا ذهب واكلته الضباع فماذا سيجني من هذه الدعوة؟؟ شعر كأنما جسمه التصق بالأرض فلا يقوى على الحركة والأفكار تدور في رأسه سريعاً تبحث عن حل. نهض فجأة وقال بكل ثقة: إلي بالوتد ولا احد يتبعني وانتظروني هنا سأعود في الحال. اخرج أبو مشاكس الوتد من إحدى الصناديق ودفعه نحوه, تناول جدي الوتد وخرج من البيت مسرعاً والعيون ترقبه من خلال النوافذ حتى اختفى في سواد الليل ...
وبعد ساعتين تقريباً عاد جدي مرهقاً إلى بيت أبو مشاكس ومازال الوتد في يده.
ضحك أبو مشاكس وقال: هل ضللت الطريق يا نجار؟
جدي: أنا لا أضل طريقاً لكن ما حصل عند وصولي الوكر استأذنت الدخول...
قال أبو مشاكس مقاطعاً أتستأذن الدخول إلى وكر الضباع؟؟؟؟؟
جدي: نعم هذه أخلاق من انعم الاله عليهم.
احد الصحابة باستغراب: وكيف استطعت الوصول في هذا الظلام الحالك؟
جدي: لقد رافقني احد جند الاله وكان يحمل مشعلاً في يده أضاء لي الطريق وأرشدني إلى مكان الوكر.
اندهش الصحابة وصاحوا مهللين مكبرين: نشهد انك نبي الحق, ما قولك يا أبا مشاكس؟
نظر إليهم أبو مشاكس مستغرباً هذه الدهشة فمنذ أن غادر جدي ولحين عودته وهم يرقبون الطريق فلم ير لا هو ولا احد منهم أي مشعل أو ضوء. ابتسم وهز رأسه حسرة وأسفا على المجموعة.
أبو مشاكس: وبعد ذلك ماذا حصل يا نجار؟
جدي: بعد استئذاني خرج كبير قومهم ورجاني أن لا ادخل كي لا أزعج زوجته التي وضعت لتوها أربعة توائم وحضرت بعض الحريم لمساعدتها - الصحابة :سبحان الاله الأعظم- وطلب مني أن أمهل دخولي ثلاثة شهور لحين فطام الصغار. فكرت قليلاً ولم أشأ إزعاج الصغار وخجلاً من الحريم النيام.
الصحابة بإعجاب: يا لرأفة قلبك ونبل أخلاقك! هذه هي أخلاق الأنبياء. تابع جدي: ثم سمعت صوتاً من السماء ينادي يا نجار ... يا نجار أمهله ثلاثة شهور. قلت: وماذا أقول لأبي مشاكس؟ قال: قل له بعد ثلاثة شهور ستدخل أنت وهو ذلك الوكر وسيزرع الوتد بيده.
أبو مشاكس: كلامك غير معقول أأنت تكلم الضباع؟ وجند الاله تحمل المشاعل! وتصعد إلى السماء متى تشاء! وتنزل على الأرض! هل مسك الجنون أم تستغفلني يا نجار أنت ومجموعتك؟ ...
صرخ احد أصحاب جدي بوجه أبو مشاكس قائلاً: اتق الاله يا رجل, أتكذب النجار؟؟! وإلهنا العظيم أني أصدقه في كل كلمة قالها .. بعدها تعالت الهتافات والتكبير من أصحاب جدي التي ألجمت أبو مشاكس وما كان إلا قوله: لا بأس ننتظر ثلاثة أشهر. وهكذا كسب جدي ثلاثة شهور للتفكير والتدبير.
بعد انقضاء الشهر الأول من الحادثة بدأ جدي يحيك المؤامرة. في البداية أرسل احد فرسان الليل (وهي مجموعة سرية مهمتها فقط تعبئة الناس حسب مصالح جدي) لتحريض الناس على ضرورة التخلص من الضباع كونها أصبحت تشكل خطراً على المستعمرة وأهلها, وبعد يومين قام بإرسال أربعة ثم عشرة لنفس الغاية وهكذا .... حتى استطاعت حركة فرسان الليل كسب تأييد الرأي العام, وأصبح التخلص ٍمن الضباع مطلباً شعبياً. كان جدي من ناحية يرفض قتل الضباع -إعلاميا- بحجة أن هناك هدنه، ومن ناحية أخرى كان يعمل مع فرسان الليل لتقوية الحركة للتمسك بمطالبها ... وما أن أنقضت فترة الهدنة حتى هاجم أهل المستعمرة وكر الضباع وقتلوا وحرقوا أعدادا منها وفر من فر...
دخل جدي الوكر برفقة أبو مشاكس وقال له: أنا وأنت في وسط الوكر إليك الوتد أما آن أن تؤمن؟ٍ قال أبو مشاكس متحسراَ والله قد ضللت يا نجار وستضل امة من بعدك!!!

هناك تعليقان (2):

يوسف المصري يقول...

سلامى لكل اجدادك
تحياتى ايها الرائع

سالم يقول...

نحياتي ايها الرائع سلامك وصل مقرون بالمحبة والاخلاص لاجدادي الاتقياء